والاستواء سواء عُدّيَ بـ"إلى"أو بـ"على" فمعناه العلو والارتفاع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "ومن قال: استوى بمعنى عَمَدَ، ذكره في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ} ؛ لأنَّه عُدي بحرف الغاية، كما يقال: عمدت إلى كذا، وقصدت إلى كذا، ولا يقال: عمدت على كذا ولا قصدت عليه، مع أنَّ ما ذُكر في تلك الآية لا يُعرف في اللغة أيضاً، ولا هو قول أحد من مفسريّ السلف؛ بل المفسِّرون من السلف قولهم بخلاف ذلك - كما قدّمناه عن بعضهم –"، وقد حكى ابن القيم - رحمه الله - إجماع السلف على ذلك.

فهذا ملخَّص معتقد أهل السنة والجماعة في هذه الصفة، ومن أراد الاطّلاع على كلام أهل العلم في هذه الصفة موسّعاً فليطالع الكتب التي أُفرِدت في ذلك وهي كثيرة جداًّ، وكما قال السفاريني - رحمه الله -: "وقد أكثر العلماء من التصنيف، وأجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم من التأليف، في ثبوت العلوّ والاستواء ونبّهوا على ذلك بالآيات والحديث وما حوى، فمنهم الراوي الأخبارَ بالأسانيد، ومنهم الحاذفُ لها وأتى بكلِّ لفظٍ مفيدٍ، ومنهم المُطَوِّل المُسهِب، ومنهم المُختصِر والمتوسِّط والمهذِّب، فمن ذلك (مسألة العلوّ) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و (العلوّ) للإمام الموفق صاحب التصانيف السنيّة، و (الجيوش الإسلاميّة) للإمام المحقق ابن قيِّم الجوزية، و (كتاب العرش) للحافظ شمس الدين الذهبي صاحب الأنفاس العليّة، وما لا أُحصي عدّهم إلاّ بكُلْفة، والله تعالى الموفِّق".

المبحث الثالث: في بيان أهميّة القواعد وعظم نفعها في معرفة صفات الباري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015