قام الشيخ الإمام عبد الله بن علي بن أحمد الشهير بابن حديدة الأنصاري بحصر ذلك في كتاب سماه "المصباح المضيء في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي" [52] ، ولم ينفرد هذا الإمام بهذا التأليف بل سبقه كثير من العلماء كالإمام ابن سعد، وابن شيبة، والقضاعي، وابن عساكر، والسهيلي، والمزني، وابن القيم، وابن كثير، ومن بعدهم ابن طولون، ومن المعاصرين د، محمد حميد الله، وغيرهم كثير.
وكتب من بعد النبي الكريم الخلفاء الراشدون، وهي سنة جارية عند الخلفاء والملوك والأمراء إلى اليوم.
وجه الدلالة:
إن كتب النبي الكريم إلى ملوك الأرض في عصره، دليل على حجية الكتابة في إبلاغ دعوة الإسلام إليهم، وقيام الحجة عليهم عند الله وعند رسوله الكريم، وهذا ما صرح به الفقهاء، نقل الإمام السبكي عن الإمام ابن إسحاق قوله: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وكتبه حجة عليهم عند الله" [53] .
خامساً: كتب النبي صلى الله عليه وسلم في الإقطاع:
كل من وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أمراء العرب وغيرهم وطلب منه أن يعطيه شيئاً من الأرض أقطعه إياه، إذا لم تكن هذه الأرض ملكاً خاصاً، أو ذات نفع عام كالمناجم والأودية ونحوها؛ لأن عادية الأرض لله ولرسوله والأئمة من بعده، وقد عقد كل من الإمامين أبي عبيد والإمام ابن زنجويه في كتابيهما في الأموال وهما من علماء السلف، فصولاً خاصة بالقطائع النبوية، ومما ذكروه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير بن العوام أرضاً بالمدينة وأرضاً بخيبر، وأقطع بلال بن الحارث المزني العقيق أجمع، وأقطع فرات بن حيان العجلي أرضاً باليمامة، وأقطع أبا ثعلبة الخشني أرضاً بالروم قبل الفتح، وأقطع تميماً الداري قُريّات بالشام [54] ، وغيرهم كثير.
وجه الدلالة: