ثمة عوامل استكشافية، عن ما هية الدولة الخيرة في الإسلام، والتي يعد بروزها في الواقع منطقياً، أو تحصيل حاصل، لامتلاكها حق الظهور والديمومة، المنبثق من تناغم وتوائم، بين السنان والبرهان، في وحدة البناء والتصور والتطبيق، وتلك الخاصية سمة بارزة، للدول الخيرة في التاريخ الإسلامي، ويأتي في طليعتها الدولة السعودية في عهودها الثلاثة، حيث كانت الدعوة إلى الله، علة نشأتها، وسر قوتها، وعامل استمرارها يقول الشيخ العلامة عبد الله عبد اللطيف - رحمه الله -: "فتجرد الحبر الجليل للدعوة إلى الله أي -الشيخ محمد بن عبد الوهاب - وآزره على ذلك، من سبقت له من الله سابقة السعادة، من أسلاف آل مقرن الماضين وآبائهم المتقدمين -رحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عن الإسلام خيراً - فما زالوا على ذلك، على آثار حميدة، ونعم عديدة، يصنع لهم تعالى من عظيم صنعه، وخفي لطفه، ما هداهم به إلى دينه الذي ارتضاه لنفسه، واختص من شاء كرامته وسعادته من خلقه، وأظهر لهم الدولة والصولة، ما ظهروا به على كافة العرب، وغدت لهم الرياسة والإمامة، لا تزاحمهم فيها العرب العرباء، ولا يتطاول إليها بنو ماء السماء" [28] ولم يزل يتوارث الأحفاد ما سار عليه الأجداد من إكرام أهل العلم، واتخاذهم أعواناً وبطانة ومستشارين، فمنذ أن دخل الملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله -الرياض، سانده العلماء، فكلفهم بالتعليم والقضاء، والتوجيه والإرشاد، وحين بدو بذور الفتنة وسنوح مظاهر المعصية، من بعض الفئات، وجه إليهم العلماء لإقامة الحجة، وإزالة الشبهة، فنزلوا بساحتهم، معلمين مرشدين منهم: الشيخ عبد الله بن سليم، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن بليهيد، والشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، -رحمهم الله رحمة واسعة - فحرصوا على توطيد دعائم الوحدة، وتأصيلها وفق قواعد الشرع ففي رسالة للشيخين الجليلين محمد بن عبد اللطيف والشيخ