لا ينكر بحال أثر السلطان الصالح في استتباب الأمن، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوحيد صفوف الأمة في منظومة واحدة، توثق فيها عرى الأخوة والمودة بين أفراد الوطن الواحد، وليس من شك أن تأليف القلوب واجتماعها على إمام واحد يسوس الأمة بالكتاب والسنة، من أجل نعم الله بركة، وأكثرها نفعاً وخيراً لا يقتصر فضلها على فرد، أو يخص قوماً دون قوم، بل يسري تأثيرها إلى الحياة برمتها، فيحفظ الله بالسلطان الصالح ما ضاع من الحقوق، وما ضيع من الواجبات وما انتهك من الحرمات، وما انخرم من العهود والمواثيق، اتفاقاً مع الاجتماع البشري الذي لا يقوم أوده، وينسق أمره على الفوضى السياسية، والتشرذم الاجتماعي والتقاتل الفئوي، الذي من مفرزاته المشئومة الحروب الأهلية المبددة للطاقات والمنزعة في سفك الدماء، وانتهاك الحرمات ولا سيما في بلاد مترامية الأطراف كحال جزيرة العرب، مما دفع الملك الإمام عبد العزيز – رحمه الله – إلى إقامة دولة مسلمة ذات شوكة، يقودها إمام مسلم، تتوفر فيه شروط وآداب الإمامة والإمارة الشرعية، تكون سياسته بلسماً شافياً لأدواء المجتمع ومفتاحاً لأمان الوطن، ونبراساً للإشعاع الحضاري، ومظلة للهداية وتحكيماً لشرع الله على نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [9] طبق الملك الإمام مضمون هذه الآية الكريمة، وأصل منطوقها في النظام الأساسي للحكم بعد إعلان دولته كما ورد نصه: