ظنه، وحق حدسه، فالكل يلمس ما تقدمه المملكة العربية السعودية، من بذل وعطاء، طال خيره سائر الشعوب العربية والإسلامية.
المبحث الرابع: تحقيق الأخوة:
لا يستقيم الاجتماع البشري، وينتظم العمران الإنساني، ما لم يتحقق الوفاء بين أفراده، بأداء واجبات اجتماعية، وحقوق إنسانية، تنظم العلاقة بين أفراد الجنس البشري، على وجه سوي، تصان به الحرمات، وتحفظ فيه الحقوق وذلك هو الفارق بين حياة الإنسان، وسائر العجماوات، وإنما تتفاضل المجتمعات في استقرارها وسعادتها على قدر فهمها والتزامها بما تمليه عليه الحقوق والواجبات من أنماط سلوكية ومعاملات سوية، وقد تفطن الملك الإمام عبد العزيز – رحمه الله – إلى حاجة مواطنيه، إلى المصالحة الوطنية، والوحدة الأخوية، بعد دهور عديدة من العداء المستحكم، أفرز كماً لا حصر له من الثأرات المتبادلة، والفتن الجاهلية التي عصفت بشعب الجزيرة العربية زمناً ليس بالقصير، فليس من السهل والحالة هذه، إحداث تغيير جذري في أنماط التفكير والسلوك، إلا بما يشبه المعجزة، مما حمل الملك الإمام على تجنيد عديد من الوسائل المتنوعة، لتشكل في مجموعها تياراً جارفاً من قنوات الإصلاح، وعوامل البناء، وأسباب التواصل، وفق مضامين ثابتة وأسس راسخة، وقواعد متينة، تحيط بأفراد الأمة جميعاً، لتصهرهم في بوتقة الوحدة والمؤاخاة، شعباً متجانساً، وكياناً متوحداً، فجعل – رحمه الله – من نفسه قدوة صالحة لرعيته، فعفا عن كل خصومه ومضطهدي مواطنيه، وقابل الإساءة بالحسنى، واستل بلطفه سخيمة القلوب، وجعلهم في حل مما سلف، واتصل وأبناؤه الكرام بنسب إلى كثير من القبائل، فوصل حبلهم بحبله، وودهم بوده، وحرص على أن تسير المصالحة الوطنية وفق آداب الدين الحنيف وقواعده، فأمر بإقامة الصلاة جماعة في سائر القرى والمدن، ووكل رجالاً أكفاء بالدعوة إليها، وتأديب من تهاون في أدائها، وتجسد ذلك في (هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن