عر صات المحشر, وثبت في الصحيح أن المؤمنين يسجدون يوم القيامة وأن المنافق لا يستطيع ذلك ويعود ظهره كالصفيحة الواحدة طبقاً واحدا ًكلما أراد السجود خرّ لقفاه, وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجا منها أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه أن لا يسأل غير ما هو فيه, ويتكرر ذلك مرارا, ويقول الله تعالى يا ابن آدم ما أغدرك ثم يأذن له في دخول الجنة, ومعلوم أن تلك العهود والمواثيق تكليف في عر صات المحشر والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً} : هذه الآية يظهر تعارضها مع قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} , ووجه الجمع أن الحصر في آية الإسراء حصر في المانع العادي والحصر في آية الكهف في المانع الحقيقي. وإيضاحه: هو ما ذكره ابن عبد السلام من أن معنى آية الكهف وما منع الناس أن يؤمنوا إلا أن الله أراد أن تأتيهم سنة الأولين من أنواع الهلاك في الدنيا أو يأتيهم العذاب قبلاً في الآخرة، فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا شك أن إرادة الله مانعة من وقوع ما ينافي مراده فهذا حصر في المانع الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة.
ومعنى آية سبحان الذي أسرى أنه ما منع الناس من الإيمان إلا استغرابهم أن الله يبعث رسولا من البشر واستغرابهم لذلك ليس مانعا حقيقيا بل عاديا يجوز تخلفه فيوجد الإيمان معه بخلاف الأول فهو حقيقي لا يمكن تخلفه ولا وجود الإيمان معه. ذكر هذا الجمع صاحب الإتقان, والعلم عند الله تعالى.