ويؤيد ذلك قوله: "أنا مسلم وأحب جمع كلمة الإسلام والمسلمين، وليس أحب عندي من أن تجتمع كلمة المسلمين، ولو على يد عبدٍ حبشي، وإنني لا أتأخر عن تقديم نفسي وأسرتي ضحية في سبيل ذلك".
وقوله كذلك: "أنا عربي وأحب قومي والتآلف بينهم وتوحيد كلمتهم، ولا أتأخر عن القيام بكل ما فيه المصلحة للعرب وما يوحد أشتاتهم ويجمع كلمتهم".
لقد كان للملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ موقف واضح حول التضامن الإسلامي وتوحيد كلمة المسلمين، من خلال أقواله ومواقفه السياسية، والحديث عن التضامن الإسلامي لا ينفك بأي حال من الأحوال عن العقيدة الإسلامية، فهما صنوان متجاوران لا يفصل بينهما فاصل، وهذا ما كان يدركه الملك عبد العزيز تمام الإدراك، فهو لا يجاهد ولا يناضل إلا لإعلاء كلمة الله والذود عن راية التوحيد، وتكشف رسائله إلى الرؤساء العرب واتصالاته برجال المسلمين والعرب عن دعوته للتضامن الإسلامي وحثه على التآخي، محذراً في الوقت نفسه من الأخطار التي تحيط بالأمة الإسلامية، داعياً لهم أن يغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ـ تعالى ـ حالهم إلى الأحسن، ويؤكد أن المسلمين هم أنفسهم مصدر البلاء الذي أصابهم وليس الأجانب، إذا لم يلتزموا بكتاب الله ـ تعالى ـ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعدم النظر والحرص على المصالح الخاصة والمنافع الذاتية، ولرفع هذا البلاء يطرح الملك عبد العزيز حَلَّيْن لا ثالث لهما لتحقيق التضامن الإسلامي المنشود، والحلاّن هما: الاعتصام بحبل الله، والأخذ بأسباب القوة في كل شيء، ويوضح ـ رحمه الله ـ ما يهدف إليه بقوله: "ما دمر الدين أكثر من الفتن بين المسلمين، لم يكن ذلك إلا من اختلاف المسلمين وعدم اتفاق كلمتهم، وإذا أعدنا النظر إلى أيام الإسلام الأولى، وما افتتحوا من أقطار، وما كسروا من أصنام، وما نالوا من خير عميم، نجد هذا كله ما حصل إلا باجتماع الكلمة على الدين والإخلاص في العمل والخلوص في النية".