ثم أورد بعض النماذج على تطبيق العدل وحفظ الأمن في عهد الملك عبد العزيز، ومن هنا كانت مقاومة الجريمة في المملكة ناجحة بدرجة كبيرة، ولذا كان المجرم يقبض عليه في وقت قصير جداً من ارتكاب جريمته دون جهد وعناء، وقد قبض أحد خدم الملك عبد العزيز على قاتلين في تثليث في المنطقة الجنوبية واقتادهما على بعير واحد إلى الرياض، الأمر الذي يؤكد ما نقول. ومن مواقفه الدالة على عدله وحزمه في تطبيق أحكام الشرع دون مجاملة أو تمييز، ما حدث في عهده ـ رحمه الله ـ من أن ثلاثة أشخاص من أسرٍ لها وزنها ومكانتها في البلاد اشتركوا في قتل صديق لهم عمداً بعد شربهم الخمر، فأحيلوا إلى المحكمة الشرعية الكبرى فأصدرت حكماً بإعدامهم بعد استيفاء شروط قتلهم، فتدخل أعيان ووجهاء البلاد لإنقاذ حياتهم، والتمسوا من الملك تأجيل تنفيذ حكم فيهم لمدة أسبوع واحد حتى يتسنى لهم بذل الجهود والتوسط لدى أولياء المقتول في سبيل الحصول على تنازلهم عن حقهم الشخصي مقابل أي مبلغ من المال يطلبونه، فما كان منه ـ رحمه الله ـ إلا أن أمر بسرعة تنفيذ حكم القتل في القتلة الثلاثة، ونُفِّذ فيهم الحكم ضرباً بالسيف، وعُلقوا في موضع بارز على واجهة مقر الأمن العام المواجه للحرم المكي الشريف، ولم يأبه بمكانة أهل الجناة ولا بمنزلة أعيان ووجهاء البلاد الذين توسطوا في تأجيل تنفيذ عقوبة القتل، وكان قتلهم بعد ثمانية أيام فقط من الإمساك بهم واعترافهم.

ولاشك فقد كان لتنفيذ حكم القتل في هؤلاء القتلة أعمق الأثر في استتباب الأمن وقمع المجرمين والقضاء على المفسدين، ويؤكد ـ أيضاً ـ تمسك الملك عبد العزيز بالجانب الديني في أفعاله المتمثل في هذه العدالة والمساواة بين الجميع أمام أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015