وهذا موقف عظيم للملك عبد العزيز يدل على اهتمامه بتصحيح العقيدة وحرصه الشديد على تأصيلها في نفوس المسلمين مهما كلفه ذلك من تضحيات، حيث أن الملك فؤاد عندما علم بذلك أمر بمنع إرسال كسوة الكعبة وأوقاف الحرمين في الديار المصرية،رغم حاجة المملكة المادية في ذلك الوقت، ولكن في سبيل العقيدة الإسلامية والذب عنها يهون لدى الملك عبد العزيز كل غالٍ وعزيز، ومن كان مع الله ـ تعالى ـ بصدق نية وحسن معتقد، فالله ـ عز وجل ـ كفيل بنصرته ورزقه والتمكين له، وهذا ما حصل للملك عبد العزيز بتوفيق الله تعالى وتأييده له، وهو في نفس الوقت امتحان وابتلاء للمؤمنين الصادقين، فليس لدى الملك عبد العزيز أعظم من إقامة كلمة التوحيد، والتمسك بالدين الخالي من كل بدعة، كما حصل في موقفه من المحمل المصري الآنف الذكر، والله يؤيد بنصره من يشاء.

يقول الملك عبد العزيز مؤكداً ما ذكرناه ومطبقاً له: "إن أساس التشريع والأحكام لا يكون إلا في كتاب الله، ومما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما أقره علماء الإسلام عن طريق القياس أو أجمعوا عليه مما ليس في كتاب أو سنة".

وهذا ما فعله رحمه الله في قضية المحمل، حيث دعا إلى تحكيم الشرع فيه، من خلال حديث أدلى به لصحفي مصري سنة 1354هـ، جاء فيه قوله: "لا خلاف بيني وبين مصر، وأمر المحمل متروك إلى الدين وإلى حكام الشرع، في مصر علماء علينا أن نستفتيهم، وأنا معهم فيما يأتون به من الكتاب أوالسنة، أبلغ مصر عني أن حكومتي على استعداد لكل تساهل تطلبه الحكومة المصرية يتفق مع الشرع".

فمرد الأمور جميعها لدى الملك عبد العزيز إلى أحكام الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان. وهو إلى جانب صلته بالله ـ تعالى ـ وخوفه منه، له صلة به تعالى لا حدود لها، لأنه كان منذ نشأته، وفي جميع أدوار حياته قد لازم طاعة ربه عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015