كما أمر ـ رحمه الله ـ بمنع دخول الخمر إلى المملكة بأية صفة كانت، وأمر كذلك بمعاقبة من يفعل ذلك سواء من السعوديين أو غيرهم، فإن كان من السعوديين يجلد مائة جلدة ويسجن لمدة عام، وإن كان من غير السعوديين يطرد من البلد فوراً، وهذا الموقف يؤكد إلى أي حد كان رحمه الله متمسكاً بالجانب الديني في أقواله وأفعاله، ويبرهن في الوقت نفسه على أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، ومن هنا كان الملك عبد العزيز يحرص أشد الحرص على أن يكون نظام الحكم في المملكة وفق منهج الإسلام، وفي ذلك يقول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ـ حفظه الله ـ: "حرص الملك عبد العزيز على إنفاذ منهج الإسلام في الحكم والمجتمع، مهما كانت الصعوبات والتحديات ... ".
ويقول ـ حفظه الله ـ عن والده أيضاً: "يشهد التاريخ أن تطبيق الشريعة الإسلامية كان مبدأً أساسياً في حياته رحمه الله ... ، وبذلك عرفت هذه البلاد تحكيم الشريعة الإسلامية الخالدة في الدقيق والجليل، وأصبحت مثالاً صادقاً في استتباب الأمن والاستقرار".
وكان الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بجانب ما تقدم من مواقف خالدة وعظيمة يحب الصراحة والوضوح وقول الحق، فعندما سأل مرة جلساءه في موسم الحج عن الأسعار وعن أحوال المسلمين، فأخذ الحضور يطمئنون الملك بأن الأوضاع جيدة، والحال ممتازة، لكن أحد الحاضرين، وهو الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار كان صريحاً جريئاً، حيث قال: الحق أن الناس في تعب والأسعار مرتفعة، وقلة من الناس في يسر ورخاء، أما الأكثرية ففي شدة وعسر، فما كان من الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إلا أن قال له:"بارك الله فيك، أشهد أنك الصادق"، وهذا من باب التناصح في الخير وقول الحق الذي يعتبر من ملامح المنهج القويم الذي كان يسير عليه الملك عبد العزيز، ويدعو إليه.