كل إنسان هو محتاج بذاته، فقير بذاته، إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ومن ذلك حاجته للجماعة في دينه ودنياه، لكن قد لا يشعر بالحاجة إلى جماعة المسلمين، إلا المسلم الذي يرفع الجهل عن نفسه بالعلم الشرعي ويلزم نفسه بالهدي النبوي، وقد يشعر المسلم بحاجته وفقره، ولكن لا يستطيع دفع ذلك، إلا أنه يوحد احتياجه وافتقاره لله رب العالمين، الأحد الصمد، الحي القيوم، الغني الحميد، فيجمع الله شمله ويسد حاجته ويغنيه، أما غير المسلم فلجهله وظلمه، فإنه يدين لدنياه، ويكفيه من المجتمع ما يؤمن له دنياه، ويشرك باحتياجه إلى غير الله تعالى، ويمزق همه، ويفرق دينه، فلا يحصل على جمع ولا غنى، وبيان ذلك أن كل ما سوى الله من حي وغيره ليس له من نفسه وجود ولا عدم، بل هو مخلوق، وكل مخلوق فقير محتاج بذاته إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، والمنفعة للحي من جنس النعيم واللذة، والمضرة هي من جنس الألم والعذاب، فلا بد من مقصود محبوب ينتفع ويلتذ به، مطلوب وجوده، ولابد من مكروه مبغض، يضر وجوده ويؤلم ويعذب، مطلوب عدمه، ولابد من الوسيلة إلى حصول المحبوب، ودفع المكروه، وهذه أمور ضرورية للعبد بل ولكل حي، لا يقوم وجوده وصلاحه إلا بها، ويجب أن يكون الله تعالى دون ما سواه هو المقصود المعبود المدعو المطلوب، وأن يكون الله تعالى دون ما سواه، هو المستعان على المطلوب وعلى دفع المكروه، كما أرشد الله إلى ذلك في الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فيجب أن يكون الله تعالى دون ما سواه هو المعبود المستعان، حيث إن ما سوى الله تعالى فقير محتاج بذاته، ليس بيده لنفسه فضلا عن غيره نفع ولا ضر، قال الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ