وكان من توفيق الله له، أن يدرك حاجة الأمة لإقامة الجماعة بالمفهوم المراد شرعاً، وقد وفقه الله قدراً وكوناً، بتأسيس المملكة العربية السعودية وتوحيدها على توحيد الله بالعبادة، وتشييد بنائها بالعمل الصالح، ولقد من الله تعالى على أهل هذه المملكة العربية السعودية، ملكاً وشعباً، بذلك على الخصوص.
ومن توفيق الله تعالى أن شملت وحدة المملكة العربية السعودية ما يزيد على أربعة أخماس شبه الجزيرة العربية، من مناطق متباعدة، وقبائل متفرقة، وشعوب مختلفة، وأجناس متعددة، فتتمثل في وحدة المملكة العربية السعودية، تركيبة العالم الإسلامي كله، مع ارتكازها على الأصول الأربعة، رغم أن العرب والأعراب: "أصعب الأمم انقيادا، بعضهم لبعض، للغلظة فيهم والأنفة، وبعد الهمة والمنافسة في الرئاسة، فقلما تجتمع أهواؤهم، ولا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية، من نبوة أو ولاية، أو أثر عظيم من الدين على الجملة، فإذا كان الدين، بالنبوة أو الولاية، كان الوازع لهم من أنفسهم، وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم، فسهل انقيادهم واجتماعهم، وذلك بما يشملهم من الدين، المذهب للغلظة والأنفة، الوازع عن التحاسد والتنافس، فإذا كان فيهم النبي أو الولي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله، يذهب عنهم مذمومات الأخلاق، ويأخذهم بمحمودها، ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق، تم اجتماعهم، وحصل لهم الملك والتغلب" [9] وكم عانى منهم المصلحون ما عانوا، فمن توفيق الله تعالى لهم، أن هيأ عبد العزيز رحمه الله للقيام فيهم مقام الولي، الذي يجمعهم بجهوده الموفقة، على القيام بأمر الله، وتحقيق توحيده، الذي هو حقه على عبيده، ويذهب عنهم بتربيته مذمومات الأخلاق، وأسباب التفرق والتنازع، ويأخذهم بمحمودها، ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق، فتم توطينهم من البداوة والحفاء، وتم توحيدهم بوحدة المملكة العربية السعودية، وحصل اجتماعهم على استقلالها عن أي نفوذ أجنبي،