وعبد العزيز رحمه الله من هؤلاء المجددين للإسلام، المقيمين لجماعته، فكان فضل الله تعالى وتوفيقه لعبد العزيز، أن امتن عليه ووفقه للقيام بخدمة الكتاب والسنة، وخدمة المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ مقدسات المسلمين التي لا نظير لها في الوجود في جلب الخير ودفع الشر، وفي تأليف الجماعة والبعد عن الفرقة، فالقرآن العظيم كلام الله تعالى المبين، سواء كان محفوظاً في الصدور أو في المصاحف، أو متلواً بالألسن وبالاتباع العملي، رصيد مضمون لا مثيل له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشخصه لا نظير له في الأشخاص ولا نبي بعده، وقبره بالمدينة، ودينه باق إلى يوم القيامة، وسنته محفوظة موجودة في الحياة العملية، وهديه صلى الله عليه وسلم معلوم، وهو خير الهدي، وبيت الله الحرام، لا نظير له في بيوت الله في الأرض، لا يتولاه إلا المتقون، قال تعالى: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ} الأنفال:34، المتقون: الذين يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، ولا يخشون إلا الله.
والله تعالى بفضله قد أعطى عبد العزيز بسطة في الجسم وفي العلم وفي العقل والذكاء وفي قوة الإرادة والوفاء، وفي صدق القول والصراحة، وفي التواضع بعظمة والسماحة بنبل ورفعة، يقول: "لست ملكا بمشيئة أجنبية، بل أنا ملك بمشيئة الله ثم بمشيئة العرب الذين اختاروني وبايعوني، على أنها ألقاب وأسماء، فما أنا إلا عبد العزيز، قال العرب إنني ملك، فرضيت قولهم وشكرت ثقتهم، وفي اليوم الذي لا يريدونني زعيما لهم، أعود إلى الصف وأحارب معهم بسيفي، كأصغر واحد فيهم دون أن ينال نفسي شيء من الغضاضة " [4] هذه هي سيرة أبطال الصحابة، وروح خالد بن الوليد لما انثنى بعد عزله من قيادة المسلمين، جنديا عاديا يقاتل معهم العدو، دون أي غضاضة، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.