- وأولى هذه الحقائق المبادرة إلى التوبة إلى الله من جميع الكبائر والصغائر, وغسل القلب من كل درن لحق به, وتنقيه النفس من كل ران تراكم عليها؛ لأن القلب المظلم لا يمكنه أن ينير الطريق أمام الآخرين؛ ولأن النفس العاصية والمصرة على عصيانها لا يمكنها أن تردع الآخرين عن المعصية, ومن يرى القذى في عين أخيه فلير الخشبة في عينه, ولا يستقيم الظل والعود أعوج.
- ثانيا: إخلاص النية لله تعالى في كل عمل.
والإخلاص هو الركن الأعظم في جميع الأعمال, وهو الأساس الذي يتقبل الله به العمل, وإنّ أمثال الجبال من الأعمال لا تزن عند الله حبة خردل ما لم يكن أساسها التجرد لله.
- ثالثا: استغلال الوقت بكل جزئياته في صالح النافع من الأعمال, وعند هذا تنتهي حكمة الحكماء, والوقت هو الحياة, وقد بخس الوقت كثيراً حداً من قال: "الوقت من ذهب", وهذا منطق عباد الذهب والمادة, وأما منطق عباد الله فالوقت في نظرهم أسمى من ذلك وأهم, وهو الذي يتوصل به إلى جوار الله والنظر في وجهه الكريم, والتقلب في جنات النعيم, ومن أروع ما قيل في إظهار قيمة الوقت ما قاله الحسن البصري رحمه الله: "يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك".