وبهذه الجهود المثمرة، والإصلاحات الاجتماعية العظيمة، والموفقة، يتبيَّن لنا أنَّ الملك عبد العزيز قد عالج الجهل بالتعليم، وعالج الفقر بتوفير سُبُل الرِّزق الحلال، وعالج العداوة والنزاعات القَبَلِيَّة، وظاهرة الأخذ بالثأر، بتحقيق التآخي والألفة والمحبة والثقة، وعالج التفرقة بالاتحاد والائتلاف، "ومنع الغزو بين القبائل، وأحلَّ الإخاء والسلام والأمن بين الجميع" [58] .
كُلُّ ذلك جمعاً للكلمة، وعملاً بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [59] .
وكان ذلك تأسِّياً بالنبي صلى الله عليه وسلم حينما آخى بين أصحابه - رضوان الله تعالى عليهم -، من المهاجرين والأنصار.
لقد غرس الملك عبد العزيز - رحمه الله - في هذه الأرض الطيبة وحدة الصَّف، ووحدة الكلمة تحت راية التوحيد، وفي ظلِّ الدَّعْوَة السَّلَفِيَّة توحَّدت الأقاليم، وتوحَّدت الجماعات، حتى أصبحت المملكة نموذجاً رائعاً، ومثلاً حياً للوحدة الوطنية الإيمانية، وحدة تعي واجباتها نحو ربها، ونحو ولاة أمرها، ونحو بلادها ومجتمعها.
قال عزَّ وجلَّ {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرض جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [60] .
المبحث التاسع: القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يُعَبَّرُ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في اصطلاح السَّلَف بالحِسْبة حيث عرَّفوها بأنَّها أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله [61] .