ويؤكد رحمه الله على الرعية أن ترفع لجلالته أي مظلمة تقع عليها فيعلق على باب المسجد النبوي الشريف الإعلان التالي: من عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن سعود إلى شعب الجزيرة العربية "على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف بالبريد أو البرق أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي أو أحفادي أو أهل بيتي، وليعلم كل موظف يحاول أن يُثني أحد أفراد الرَّعية عن تقديم شكواه - مهما تكن قيمتها - أو حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب الشديد، لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد أو عدم نجدة مظلوم أو استخلاص حق مهضوم. ألا قد بلغت اللهم فاشهد. عبد العزيز" [24] .
ويروي حفيده الأمير عبد الله الفيصل أنه كان في يوم من الأيام بين كبار رجال الدولة من وزراء ومستشارين، وفجأة وجم وبكى بحرقة، وحين سأله أحد الشخصيات الكبيرة عن سبب ذلك قال بعد أن هدأ: "يا فلان أنت لا تعلم ما يبكيني. أنني فكرت في حال هذه الأمة ومصيرها، والله إن أحب ما إليّ أن أُدفن مع أولادي وبقية أسرتي وأنا مطمئن على الأمة في دينها ودمائها وأعراضها وأموالها لم يبكني غير ذلك" [25] .
هكذا تكون النفس العامرة بالإيمان والخوف من الله حين تستشعر مسؤليتها أمام الله سبحانه المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ثم أمام الأمة والتاريخ وهو موقف تكرر ويتكرر عبر التاريخ الإسلامي من الخلفاء الراشدين والملوك العادلين.