وفي ليلة فتح الرياض في داخل منزل لعجلان في طريقه للقضاء عليه عند الساعة الثامنة عربي (الثانية بعد نصف الليل) تجمع عبد العزيز ورجاله في ذلك المنزل الذي لم يكن فيه في تلك الليلة إلا زوجة عجلان وامرأة أخرى - أكلوا شيئا من التمر ثم ناموا كأنهم في بيوتهم وبعد نوم ساعة واحدة أو أقل طلع الفجر فنهض عبد العزيز وصلى بهم وجلس يسبح ويبتهل، والتفت إلى رفاقه بعد ذلك يتحدث إليهم حتى طلعت الشمس يوم 5 شوال 1319هـ[13] .
ملحمة رائعة وعزيمة كالجبال - وموقف بطولي نادر لا يطيق مثله إلاّ من كانت له مؤهلات عبد العزيز، ولن يقبله بصدق ويسلم له إلاّ من توفرت فيه شروطٌ تقدم ذكرها.
وفي خطاب له رحمه الله أمام كبار الحجاج بمكة 1350هـ - 1932م يقول:.. وكل إنسان عنده نصيحة لنا من الكتاب أو السنة فنحن مستعدون في جميع الأوقات سواء كانت من كبير، أو صغير، أو جليل، أو حقير، ومن أرادنا على مخالفة شيء من ذلك فلا نقبل أبداً وقد أمرنا الله أن نتبع شريعة الإسلام وأن نعض عليها بالنواجذ، ومن غضب علينا لاستمساكنا بديننا فليغضب علينا إلى ما يشاء.. وإخواننا المسلمون نقبل منهم كل أمر فيه مناصحة على شرط أن تكون في الحق، ومسألتان لا يمكن أن نقبلها ولو قاتلنا أهل الأرض حتى لا يبقى فينا أحد.
التغيير في دين الله ولو مثقال خردلة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالكتاب والسنة لا نحيد عنهما أبداً.
والثانية أن أي أمر يلحق استقلال أو شرف بلادنا فهذا مستحيل أن نقبله ولو تكلم من تكلم أو قال من قال… كثيراً ما يقول بعض الناس ليش ما يحط ابن سعود جمعيات ودعاية ضد الإنجليز، والمسكوف، أو الطليان، أو غيرهم، ويدافع عن المسلمين فأحب أن أكشف هذه الشبهة وأبين الحقيقة فيها.