إنها كلمات داعية، يعرف ما أفسد على الأمة الإسلامية في عصره مصالحها، وأضاع عزتها وكرامتها، إنه التخالف، والتخاذل، واتباع الأهواء حتى من الحكام، وتقليد غير المسلمين، ولا نظن أن ملكا من ملوك العرب أو رؤسائهم في عصر الملك عبد العزيز، كان يجرؤ على مصارحة المسلمين بهذه الحقيقة المرة، ولكنه - رحمه الله - كان يتكلم كلام داعية يبحث في أسباب ضعف المسلمين، ويواجه الناس بها في تجرد عن الهوى، أو طلب للعلو في الأرض بالملك، أو طلب الخلافة على المسلمين، ولقد كان أسلوب الملك في دعوته خير وسيلة؛ لكي يستقبل الناس حديثه برضاء النفوس، واقتناع العقول، واطمئنان القلوب.
وفي منشور للملك وجهه إلى مواطنيه سنة 1360هـ دعا الناس إلى سؤال العلماء في كل مايريبهم أمره، ودعا إلى عدم مخالفة الله - عز وجل - وإلى شكر النعمة، والتناصح بين الناس، وحذر من ارتكاب كبائر الذنوب، كشرب الخمر، والزنا واللواط، وذكر عقوباتها الشديدة في الشرع.
وكان الملك في مجمل خطبه - لاسيما أمام وفود الحجاج - يذكّر بالله، ويحث على الطاعات، ويبين الحلال، والحرام، ويحذر من الفرقة، واتباع الأهواء، ويضرب الأمثال، ويستشهد بالآيات من كتاب الله، وبأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من مزايا حديثه وخطابه، أنه يتحدث إلى الناس بلغة سهلة، ولا يلجأ إلى التطويل والإطناب، وذكر الأدلة، والبراهين؛ لأنه ما كان يوجه خطابه جدلا أو انتصاراً لرأي معين، بل كان يدعو إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، أبناء شعبه، ووفود المسلمين من حجاج بيت الله الحرام.