أما خطاب الملك الديني والدعوي، فقد اشتمل على جملة من الواجب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقد أمر الملك بالإخلاص في العبادة، ودعا إلى محاسن الأخلاق، ووجه خطابه إلى خاصته وعامة الناس، ونصح عماله الذين يتولون المصالح العامة لهم، ودعا إلى العلم والعمل الصالح، وحذر من تقليد غير المسلمين، فدعا إلى المدنية الصحيحة على هدي الإسلام، ونهى عن التباغض والتظالم والعدوان بين الناس، وخوّفهم عقوبة الدنيا والآخرة.

وهكذا اجتمع في خطاب الملك الدعوي، ما يسع العلماء والأمراء في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثالثاً: حرص الملك على مصلحة المسلمين، واستعماله الحكمة والموعظة الحسنة:

لقد كان الملك عبد العزيز - رحمه الله - حريصاً على المسلمين، وتحقيق ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، مشفقاً على شعبه أولاً بحكم مسؤوليته عنهم، فاتخذ الحكمة والموعظة الحسنة أسلوباً له.

ففي خطبة للملك - رحمه الله - في مكة المكرمة في شهر ذي القعدة 1345هـ دعا الملك أهل مكة إلى شكر النعم، ونبههم إلى أن نعيم الدنيا زائل، وقد يكون فتنة وابتلاء للإنسان، وأن نعمة الإسلام والإيمان هي النعمة الكبرى الدائمة، وذكر الإمام الداعية الناس من أهل مكة بأن الإنسان وولده وماله، كل ذلك يذهب، ولا يبقى للإنسان سوى العمل الصالح زاداً في الآخرة.

ولا يصدر هذا الخطاب الدعوي إلا من داعية يعرف ما يصلح المدعوين في دينهم ودنياهم، وتبدو في الخطاب الموعظة الحسنة من ملك يحرص على سعادة شعبه في الدارين، كما تبدو الموعظة الحسنة في خطبة أخرى للملك، تعرض فيها لتفسير فاتحة الكتاب، وذكر فيها المسلمين بما ورد في القرآن الكريم من آيات الترغيب في التوبة، وآيات التحذير من عاقبة العصيان، وحذر من الفرقة والتخاذل، ودعا إلى التعاون والتناصح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015