وفي عهد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - (1139 - 1179هـ) بدأت الإمامة في أسرة آل سعود؛ لأن إمارته كانت ذات صبغة دينية ظاهرة، فقد ناصر الإمام محمد بن سعود دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وأكرمه حين لجأ إلى الدرعية عام 1158هـ 1745م وأيده، وعاونه على إقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
قال الشوكاني رحمه الله: "قام محمد بنصر العلامة محمد بن عبد الوهاب الداعي إلى التوحيد، المنكر على المعتقدين في الأموات، ومازال يجاهد من يخالفه وكانت تلك البلاد قد غلبت عليها أمور جاهلية، وصار الإسلام فيها غريباً".
ولا يخفى ما قام به آل سعود من جهاد في نصرة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولا مجال للتفصيل في شأن ذلك، فقد تناوله المؤرخون والعلماء والكاتبون لسيرة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب.
ولاشك أن الملك عبد العزيز كان يدرك أن دولة آل سعود، قامت بنصرة دعوة التجديد التي ظهرت في عهد جده الأعلى الإمام محمد بن سعود، وأن دولة آل سعود كانت مزاجاً متآلفاً من هدي القرآن وقوة السلطان.
كان الملك يعرف منذ شبابه الباكر، وقبل أن يدخل إلى عاصمة ملكه الرياض عام 1319هـ - 1902م أنه سليل أسرة قامت دولتها، واستقام أمرها على حماية الدين وأهله، والدعوة إليه في بلاد شبه الجزيرة.
وكان أهم ما يميز دعوة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هو الدعوة إلى تحقيق التوحيد في شبه الجزيرة العربية، بوصفه جوهر الدين وأصل فرائضه، وشعائره، وقد أدرك ذلك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، فتميز خطابه الديني والدعوي بالاهتمام بالمقصد الأول، والهدف الأعظم من الدعوة إلى الله، وهو إخلاص العبادة له عز وجل، ذلك أن عقيدة التوحيد الخالص تأصلت في قلب الملك، فكان شديد المراقبة لنفسه في اتباع التوحيد الخالص من كل شائبة، والدعوة إليه.