ولا يخفى على كل من يهتم بشؤون الحجيج أهمية هذا الجانب، وبخاصة أن عدد الحجيج يتزايد في كل عام [22] ، حتى وصل إلى أكثر من مليون حاج، بل فاق المليوني حاج في بعض الأعوام، يأتون من مختلف بقاع الأرض، كما لا تخفى علينا الصعوبات الجمة التي تواجهها المملكة العربية السعودية في هذا الجانب بالذات.
ولإحساس مؤسس هذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز - رحمه الله - بعظم المسؤولية الملقاة على عاتق دولته في هذا الجانب، أمر - رحمه الله - بعد توحيده لمنطقة الحجاز مباشرة بإنشاء "مصلحة الصحة العامة في مكة"وذلك عام 1344هـ[23] ، وكان أول مدير لها الدكتور محمود حمدي (طبيب جلالة الملك الخاص) ، كما صدر أمر ملكي بالتصديق على ميزانية دائرة الصحة العامة، لتقوم بتأسيس مستشفيات ومستوصفات في مكة والمدينة وجدة وينبع والطائف [24] .
لقد كانت هذه المصلحة منذ إنشائها تمثل واجهة حضارية تدل على عمق إدراك الملك عبد العزيز بضرورة الاستفادة من النظم الحضارية المتقدمة في هذا الجانب والجوانب الأخرى، رغم عدم تقبل المجتمع البدوي الذي كانت تعيشه المملكة آنذاك لهذه النظم، فقد قام بتعيين رئيس للمصلحة، ويتبع هذا الرئيس معاون له، ومفتش عام، ورئيس للصيادلة يساعده صيدليان قانونيان، ومساعدو صيادلة، وبضعة موظفين، يضاف إلى هذا ديوان يشتمل على رئيس وسكرتير ومترجم وكتّاب الخ، وترتبط بالإدارة العامة شعب المحاسبة والسجل والإحصاءات والمستودعات [25] .