عاش مجتمع الجزيرة العربية رَدْحاً من الزمن في حالةٍ يرثى لها من التفكُّك والانقسام والخلاف، وذلك لِمَا أصاب الناس من وهن في عقيدتهم وبعدهم عن التمسُّك بحبل الله المتين، وبصراطه المستقيم، وما شاع بينهم من فرقة وتمزُّق وعصبيَّة قبلية جاهلية، أو التكالب على الرئاسة، والتنازع على فُتَات الحياة الدنيا الفانية، الأمر الذي أدَّى في النهاية إلى عدم استتباب الأمن وشيوع الفوضى العارمة في أرجاء جزيرة العرب مِمَّا أخَّرها قروناً طويلة.
وحينما قَيَّض الله تعالى لهذه البلاد مَنْ يوحدها، ويلم شعثها، ويرأب صدعها، ويحفظ لها وحدتها، ويبسط لها أمنها، انصلح حالها، وتغيَّر وضعها من الجهالة إلى العلم، ومن التمزق إلى الوحدة، ومن الضعف إلى التماسك والقوة.
وحقَّق الملك عبد العزيز - رحمه الله تعالى - بذلك الوحدة الحقيقية بين أفراد المجتمع، وذلك بعد تقريره للأمن وتشييده لعُرَاه بين الناس.
يقول المانع: " لقد كان من أعظم مشكلات ابن سعود في بناء دولة مستقرة، تلك المشكلة التي واجهت كُلّ زعيم في الصحراء، وهي نزعة رجال القبائل الحادَّة إلى الاستقلال، وحبهم للحرب، وسرعة تغيير ولاءاتهم " [50] .
وأصبح المجتمع اليوم - بحمد الله تعالى - في المملكة العربية السعودية المجتمع الواحد الذي يعطف فيه الكبير على الصغير، والغني على الفقير، وكأنَّهم أخوة يشعر كُلُّ واحد بأخيه، ويهمه حاله، وهذا فضل من الله تعالى وإحسان وتوفيق منه وامتنان، ثُمَّ لِمَا قام به الملك عبد العزيز - رحمه الله - من جهودٍ عظيمة في توحيد هذه البلاد وإرساء قواعد الأمن فيها.
المبحث الثاني: آثاره في تنمية وازدهار المجتمع