وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم"، ولما واصل صلى الله عليه وسلم في صيامه وعلم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك واصلو معه فنهاهم عن الوصال إشفاقا عليهم قالوا فإنك تواصل, قال اني لست كهيئتكم, ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله قال وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال: لو تأخر لزدتكم كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا". فإنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال رحمة بهم وشفقة عليهم فلما راجعوه في ذلك رغبة منهم في موافقته واصل بهم وكان ذلك آخر الشهر يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال وقال: "لو تأخر لزدتكم", كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا وهذا منه صلى الله عليه وسلم إرشاد عملي وتأديب نبوي للصحابة الكرام رضي الله عنهم ليوقفهم على ضعفهم وأن الوصال يشق عليهم فيبتعدوا عنه من تلقاء أنفسهم وهذا التأديب النبوي يشبهه ما لو رأى والد ولده يحاول العبث بالنار فيعمل على تجنيبه ضررها بأن يأخذ بيده ويضع أصبعه برفق على طرف جمرة منها ليدرك مدى ضررها فيكون حذرا منها ويبتعد عن الوقوع فيها لأن والده قد أوقفه على مدى ضررها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015