وفعلاً سار عبد العزيز على رأس قوة صغيرة ودخل الرياض، وحينما كان يحاول الاستيلاء على المصمك بلغه هزيمة الشيخ مبارك الصبَّاح في موقعة الصريف على يد ابن رشيد في القصيم يوم 17 ذي القعدة 1318 هـ، وحينئذٍ دعاه أبوه للعودة إلى الكويت، فأجابه لذلك، وانصرف إليها بمن معه بعد أن عرف الرياض وأحوال أهلها وترحيبهم له [68] .
وبعد رجوع عبد العزيز إلى الكويت لم يطب له المقام فيها بعد أن كان قاب قوسين من النصر أو أدنى، ففاتح أباه والشيخ مبارك برغبته في تكرار محاولته فتح الرياض مرَّة ثانية، فخاف الشيخ مبارك من مغبة هذا الأمر على بلده الكويت، ولم يجبه أبوه بغير الصدِّ والرفض [69] .
وفي العام التالي أعاد عبد العزيز على مسامع أبيه والشيخ مبارك طلبه وألحَّ في ذلك حتى حصل له ما أراد وأمدَّه الشيخ مبارك ببعض المال والسلاح [70] .
سار عبد العزيز من الكويت على رأس قوة صغيرة في نحو ستين راكباً من خلص آل سعود وأتباعهم ومواليهم، وكان ذلك في شعبان من سنة 1319هـ، وسلك بهم طريقاً غير مألوف إمعاناً في إخفاء أمرهم والتمويه على عدوهم.
وهنا يذكر بعض المؤرخين أنَّه التحق بعبد العزيز في طريقه إلى الرياض بعض أبناء القبائل وطالبي المغانم حتى وصل عددهم قرابة الألف رجل، وقام بالإغارة على بعض مضارب البادية من قحطان ومطير، الأمر الذي أقلق ابن رشيد المعسكر في الحفر وجعله يطلب نتيجةً لذلك الإمدادات المالية والعسكرية من الأتراك [71] .
وعندما سار عبد العزيز إلى الرياض وقارب على وصولها لم يبق معه سوى ستين رجلاً وهم الذين خرج بهم من الكويت.
تفقَّد عبد العزيز رجاله، ووضع خطة حربية محكمة لدخول الرياض، واقتحام حصن المصمك الذي يحتمي فيه عجلان عامل ابن رشيد [72] .
وفعلاً نفَّذ عبد العزيز خطته الجريئة التي تدلّ على عبقريته وحنكته وشجاعته وتقديره للأمور.