ومنه ((القُداحِسُ)) وهو الشّجاع أو السيّء الخلق أو الأسد - كما يقول صاحب ((القاموس)) [13] .
ومهما يكن من أمر فإن كلماتٍ من هذا النوع الذي خلا من حروف الذلاقة لا يكتب لها البقاء في العربية؛ لأنها ثقيلة فتهجر وتموت، وقد لا تعرف، ولعل هذه الألفاظ النادرة التي رواها بعض العلماء هي من بقايا ممات غير قليل، وهذه الألفاظ القليلة المروية معرضة للهجر والإماتة أكثر من غيرها.
الفصل الثاني
العامل الدلاليّ
الدّلالة عنصر فعّال فيما يتّصل بإماتة الألفاظ، وإليها يعود موت كثير من الألفاظ المشهورة في العربيّة، وللإماتة هنا عدّة أسباب، ومن أهمّها:
1 - زوال المعنى.
2 - الاستغناء.
3 - العامل الديني.
4 - العامل الاجتماعي.
وهي على النحو التالي:
المبحث الأول: زوال المعنى:
قد يزول معنى الكلمة وليس لها معانٍ أخرى تتشبّث بها، فتموت؛ لتفريغها من محتواها الّذي هو سرّ بقائها، وقد أشار إلى ذلك ابن فارس في قوله: "ومن الأسماء الّتي كانت فزالت بزوال معانيها قولهم: المرباع، والنّشيطة والفضول ... " [14] .
وقال الجاحظ: "قال أبو عبيدة معمر بن المثنى عن أبي عبد الرحمن يونس بن حبيب النّحوي حين أنشده شعر الأسدي:
ومركضةٌ صَرِيحيٌّ أَبُوهَا
تُهَانُ لَهَا الغُلامَةُ والغُلامُ
قال: فقلت له: فتقول للجارية: غلامة؟ قال: لا، هذا من الكلام المتروك، وأسماؤه زالت مع زوال معانيها؛ كالمرباع والنّشيطة… " [15] .
وقد قضى الإسلام على كثير من الكلمات الدّالّة على نظم جاهليّة، كالمِرْبَاع والصَّرورة والنَّوَافج والحُلْوَان والمَكْسُ، وغيرها، فماتت تلك الكلمات؛ لأنّ الإسلام غير من القيم الفكرية والاجتماعيّة الّتي كانت سائدة في الجاهليّة.