ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمن عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظات في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: "وماذا أعددت لها؟ " مبيناً أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية، وقد قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} وذلك أن كل سفر لا بد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
كلمة ختامية:
واختتم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول: