فقد اجتهد صلى الله عليه وسلم في الدعاء ولم يلجأ إلى التلاوة، وكذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة عن يوم الفزع الأكبر حين يذهب صلى الله عليه وسلم لطلب الشفاعة فإنه يسجد سجوداً طويلاً ويلهمه الله بمحامد لم يكن يعلمها من قبل، ولم يوجه صلى الله عليه وسلم إلى التلاوة مما يبين أن للتلاوة مكاناً وحالات وآداباً وتأثيراً، وللدعاء مكان وحالات وتأثير، فهما متوافقان في الحقيقة وإن اختلفا في الصورة، وكلاهما متلائم في مكانه.

أما عمل الختم بالمسجد النبوي اليوم فالواقع أن الحديث عنه شيق كيف لا والحديث في حد ذاته عن ختم القرآن في أي مكان حديث ممتع للروح منعش للنفس منبه للضمائر الإسلامية لارتباطه بالقرآن الكريم المنزل من رب العالمين.

وإذا كان هذا الحديث يتعلق بالمسجد النبوي وفي الجوار الطاهر الكريم وفي شهر رمضان المعظم وفي آخر العشر الأواخر كان ذلك أعظم من أن يصور بحديث أو يقدم في موضوع، ولكن نسوق للقارئ الكريم وصفاً عملياً بقدر ما يمكن تصويره من وحي الشعور به فنقول وبالله التوفيق:

يقع الختم في المسجد النبوي في شهر رمضان مرتين مرة في صلاة التراويح وأخرى في صلاة القيام آخر الليل وذلك في ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان في أول الليل وفي آخره.

ولعل في ذلك ارتباط وإن كان من غير قصد بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام كان يدارسه القرآن الكريم في رمضان كل سنة مرة وفي السنة التي قبض فيها صلى الله عليه وسلم دارسه القرآن مرتين.

وفي هذه الليلة يقع الدعاء في المسجد النبوي في صلاة الجماعة أربع مرات: مرتين في الختم ومرتين في الوتر مما يجعل تلك الليلة ليلة مشهودة عبادتها موصولة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015