الأول: هو أن يكون الاسم الواقع بعد اسم الإشارة لا ثاني له في الوجود كالشمس والقمر والخليفة وما أشبه ذلك، أو أن يكون الاسم الواقع بعدها معبّراً به عن جنسه لا عن واحد بعينه كالمحلى بـ (أل) مثلاً كقولك ماكان من الأُسْدِ غير مخوف فهذا الأَسَدُ مخوفاً، ولكن الذي يظهر أنَّ الكوفيين لم يلتزموا بهذا الشرط؛ لأن ثعلباً يقول في أماليه: "وقال سيبويه: هذا زيدٌ منطلقاً فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق، ولا يخبر عن زيد، ولكنه ذكر زيداً ليُعْلَمَ لمن الفعل قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً، وهو لا يعرف التقريب، والتقريب مثل كان" [13] .

فكما ترى اعتدَّ ثعلب بالتقريب هنا، وغمز سيبويه بأنه لا يعرف التقريب، والمثال المذكور لم تتحقق فيه شروطهم من كونه اسماً معبّراً به عن جنسه أوكونه لا ثاني له في الوجود، إذ زيد علم على ذات تتكرر التسمية به، وللبصريين أن يقولوا أنت لم تلتزم بما اشترطته على نفسك؛ إذ كيف تغمز سيبويه هنا بأنه لا يعرف التقريب بمثال لم تتحقق فيه الشروط.

وهذا يدل على أنهم لم يلتزموا بذاك القيد التزاماً دقيقاً.

الثاني: أن يكون اسم الإشارة دخوله كخروجه؛ في أن الجملة الاسمية تامّة بالمرفوع بعده والمنصوب، قال ثعلب في أماليه: "وكلما رأيت إدخال هذا وإخراجه واحداً فهو تقريب، مثل: من كان من الناس سعيداً فهذا الصيّاد شقيَّاً، وهو قولك فالصياد شقيٌّ فتسقط هذا وهو بمعناه" [14] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015