العرب، من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، عليهما الصلاة والسلام، مكة مولده، والمدينة مهاجره. ختم الله به الأنبياء والرسل، كما قال تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] . فليس بعده صلى الله عليه وسلم نبي ولا رسول إلى قيام الساعة. أرسله الله رحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] . والحاجة إلى رسالته فوق كل حاجة، والضرورة إليها فوق كل ضرورة، إذ لا حياة للقلوب، ولا نعيم ولا سعادة، ولا أمن ولا طمأنينة، إلا باتباعها، قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 123-124] . قال ابن عباس: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه، أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية" [1] . وإلى ذلك كانت دعوته صلى الله عليه وسلم، ودعوة من اتبعه إلى يوم القيامة، كما أمره الله عز وجل، بقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] . فأتباعه صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله تعالى، وهم أهل البصيرة، ومن لم يكن من أتباعه فليس من أهل البصيرة، ولا من الدعاة إلى الله وإن زعم ذلك، وحيث تكفل الله بحفظ دينه إلى قيام الساعة، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] . أقام الله لهذه الأمة من يحفظ بهم أصول الدين، كلما مضى جيل خلفه جيل بعده، كما أخبر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس، حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015