وإن لم يعيّن وقتاً بأن قال: لأعطينّ [548] زيداً درهماً لم يحنث حتى ييأس من فعله بتلف محلوفٍ عليه، أو موتِ حالفٍ أو نحو ذلك، لأنّ اللفظ يحتمل إرادة المحلوفِ عليه في وقتٍ ويحتمل غيرَه فيرجع إلى ما نواه ككنايات [549] الطلاق والعتق [550] ، وإن لم تكن له نيَّة لم يحنث قبل اليأس من فعله [551] ، فإن الله- تعالى- قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ... } [552] الآية. فقال عمر: "يا رسول الله، أو لم تخبرنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوف به؟ قال: "بلى، أفأخبرتك أنَّك آتيه العام؟ "، قال: لا، قال: "فإنّك آتيه وتطوف به" [553] .

لكن يستثنى من ذلك ما إذا حلف ليخرجنّ من هذه الدار أو ليرحلنّ [554] منها، أو لا سكنتُ فيها وأقام فيها بعد يمينه زمناً يمكنه الخروج حنِث [555] .

وبه قال الشافعي [556] .

وإن أقام لنقلِ رحلِه ومتاعِه لم يحنَث [557] ، وفاقاً لأبي حنيفة [558] .

وحُكي عن مالك [559] : إن أقام دون اليوم والليلة لم يحنث، لأنَّ ذلك قليل يحتاج [560] إليه في الانتقال.

وقال الشافعي [561] : "يحنث بإقامته لنقل رحله ومتاعه لأنّ اسم السكنى يقع على الابتداء وعلى الاستدامة.

وعن زفر [562] : أنه يحنث في الحال، لأنه لابد من أن يكون ساكناً عقب يمينه ولو لحظةً فيحنث بها [563] .

وإن حَلَفَ ليخرجنّ من هذه البلدة أو ليرحلنّ [564] عن هذه الدار ففعل، فهل له العَود إليها؟، على روايتين [565] ,قيل:يحنث بالعود لان ظاهر حاله قصد هجران ما حلف عليه.

والذي عليه العمل [566] عدم الحنث لأنّ يمينه على الخروج، وقد خرج فانحلتْ يمينُه إلاّ أن تكون له نيَّة أو سبب يقتضي هجران ما حلف عليه [567] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015