قال في الشرحِ الكبير [255] : "ويكره الحلف بغير الله تعالى، ويحتمل أن يكون ذلك [256] محرماً، وذلك نحو: أن يحلف بأبيه، أو بالكعبة، أو بصحابي، أو إمام غيرِه" [257] .

قال [258] الشافعي [259] : "أخشى أن يكون مَعصيةً " [260] ، وصرّح بالكراهة في شرح المنهاج [261] ، قال: "يكره [262] الحلف بغير الله للحديث الصحيح [263] ، وقيل: إنه معصية، والحلف بالأمانة أشد كراهة من غيره". انتهى.

قال [264] في الشرح الكبير [265] : "وقيل: يجوز ذلك لأن الله تعالى أقسم بمخلوقاته فقال: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً} [266] ، {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} [267] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سَألَ عن الصلاة: "أفلح وأبيه إن صدق " [268] وقال في حديث أبي العُشَرَا: [269] "وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزأك " [270] انتهى.

والذي عليه العمل أنّه يحرم [271] ، لما رُوي عن عمر- رضي الله عنه- أنّ النبيَّ أدركه وهو يحلف بأبيه فقال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"، قال عمر: "فوالله ما حلفتُ بها بعد ذلك ذاكراً ولا آثرا"ً. متفق عليه [272] ، يعني: ولا حاكياً لها عن غيري [273] .

لكن يُستثنى من ذلك الحلف بالطلاق والعتاق.

قال في الفروع [274] : "قيل لأحمد: يُكره الحلفُ بطلاقٍ أو عتق؟، قال: سبحان الله لِم لا يكره؟ لا يُحْلَفُ إلاّ بالله".

وفي تحريمه وجهان [275] [276] ، واختار مالك [277] ، وشيخنا [278] التحريم وتعزيره، واختار في موضع لا يكره، وأنه قولُ غيرِ واحدٍ من أصحابنا، لأنه لا يحلف بمخلوق، ولم يلتزم لغيرِ الله شيئاً، وإنما التزم لله كما يلتزمُ بالنّذر، والالتزام لله أبلغ من الالتزام به، بدليل النذر له واليمين به، ولهذا لم ينكر الصحابة على من حلف بذلك كما أنكروا على من حلف بالكعبة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015