وذهب إليه أبو حيان حيث قال: "ومناسبة هذه الأعداد أن فرضية الثبات أو ندبيته كان أولاً في ابتداء الإِسلام فكان العشرون تمثيلا للسرية والمائة تمثيلاً للجيش فلما اتسع نطاق الإسلام وذلك بعد زمان كان المائة تمثيلا للسرايا والألف تمثيلا للجيش".
الآية الثانية: قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (1) .
فقوله {وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ} معلوم من قوله سبحانه: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} ، فهذا يغني عن ذاك وقد عَلَّلَ المفسرين ذلك:
1 – أن الآية نزلت في قومٍ من المنافقين اجتمعوا على التناجي مغايظة للمؤمنين وكانوا على هذين العددين (ثلاثة وخمسة) .
2- أنَّ العدد الفرد أشرف من الزوج لأن الله تعالى وتر يحب الوتر. وأقل عدد وتر يكون بينه مناجاة هو الثلاثة ثم الخمسة.
3- أنه قصد أنْ يذكر ما جرت عليه العادة من أعداد أهل النجوى المتخالين للشورى, والمندبون لذلك ليسوا بكل أحد, وإنما هم طائفة مجتباة من أًولي النُّهى والأحلام, ورهط من أهل الرأي والتجارب, وأول عددهم الاثنان، فصاعدا إلى خمسة إلى ستة إلى ما اقتضته الحال وحكم الاستصواب.
وهناك أقواله أخرى يغني عنها ما ذكرته.
النوع الثاني: البدهية اللغوية:
وأقصد بها البدهيةَ الدَّالٌ على بدهيتها المدلولُ اللغوي لكلمةٍ أو جملةٍ سابقة والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها:
1- قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} (2) .
قال في لسان العرب: "الصَوْب: ُ نزول المطر، ثم قال: والصَيِّبُ: السحاب ذو الصوب"وقال أبو إسحاق: "الصيب هنا المطر" وقال أبو حيان: "الصيب: المطر.. والسحاب أيضا ".