والإِطناب مصدر أطنب في كلامه إطناباً إذا بالغ فيه وطَوَّل ذيوله لإِفادة المعاني. واشتقاقه من قولهم: أطنب بالمكان إذا أطال مقامه فيه، وفرس مطنب إذا طال متنه، ومن أجل ذلك سُمِّي حبل الخيمة طنباً لطوله، وهو نقيض الإيجاز في الكلام (1) .
والعلاقة بين الإِطناب والبلاغة وثيقة بل عرفوا الإِطناب بأنه "البلاغة في المنطق والوصف مدحاً كان أو ذماً، وأطنب في الكلام: بالغ فيه".
بل عرّفوا البلاغة بأنها: " الإِيجاز والإِطناب" وإنما جمعوا بينهما وهما نقيضان لاختلاف المقامات فما يصلح في مقام لا يصلح في الآخر، ولهذا قال العسكري: "القول القصد أن الإِيجاز والإِطناب يُحتاج إليهما في جميع الكلام وكل نوع منه، ولكل واحد منهما موضع، فالحاجة إلى الإِيجاز في موضعه كالحاجة إلى الإطناب في مكانه، فمن أزال التدبير في ذلك عن جهته، واستعمل الإِطناب في موضع الإِيجاز، واستعمل الإِيجاز في موضع الإِطناب أخطأ.
كما روي عن جعفر بن يحي أنه قال مع عجبه بالإِيجاز: "متى كان الإِيجاز أبلغ كان الإِكثار عِيّاً، ومتى كانت الكناية في موضع الإِكثار كان الإِيجاز تقصيراً".
وأمر يحي بن خالد بن برمك اثنين أن يكتبا في معنى واحد، فأطال أحدهما، واختصر الآخر فقال للمختصر- وقد نظر في كتابه -: "ما أرى موضع مزيد"، وقال للمطيل: "ما أرى موضع نقصان".
وقال غيره: "البلاغة الإيجاز في غير عجز، والإِطناب في غير خطل".
فإذا عرفت الإِطنابَ ومكانته من البلاغة فينبغي أن تعرف الفرق بينه وبين التطويل والتكرير والترادف، فقد عرّفوا الإِطناب بأنه "زيادة اللفظ على المعنى لفائدة جديدة من غير ترديد" فقولنا:"زيادة اللفظ على المعنى "عام في الإِطناب والتطويل والتكرير والترادف.
وقولنا: "لفائدة"يخرج عنه التطويل فإنه لغير فائدة وهذا هو الذي عليه الأكثر من علماء البلاغة, والإطناب صفة محمودة في البلاغة بخلاف التطويل فإنه صفة مذمومة في الكلام.