ومنهم ابن فارس اللغوي المشهور المتوفى سنة 395 هـ، فإنَّ له كتاباً سماه: (علل الغريب المصنَّف) ، وقد ذكر الصاغاني أنَّ هذا الكتاب من جملة الكتب التي حواها كتابه الكبير (العباب الزاخر) .

وكان ابن السكِّيت يغضُّ من أبي عبيد وكتابه، فقد حكى الطوسي فقال: غدوت إلى أبي عبيدٍ ذاتَ يومٍ، فاستقبلني يعقوب بن السكّيت، فقال لي: إلي أين؟ فقلت: إلى أبي عبيد، فقال: أنت أعلم منه، قال: فمضيتُ إلي أبي عبيد فحدَّثته بالقصة، فقال لي: الرجل غضبان. قال: قلت: من أي شيء؟ فقال: جاءني منذ أيام، فقال لي: اقرأ عليَّ غريب المصنَّف، فقلت: لا، ولكن تجيء مع العامة، فغضب.

ففي هذه القصة يتبين أن سبب الغضّ من الانتقام للنفس، لا قولٌ للحقيقة، فابتعد بذلك ابن السكِّيت عن العدل والإنصاف.

والحق أنَّ الكتاب فيه بعض الأوهام والأخطاء، وقليل من التصحيفات،

وأحياناً ينسب أبياتٍ إلى غير قائليها، لكنَّ نسبة الخطأ إلى الصواب قليلة جداً لا تقدحُ في الكتاب، ولا تنقص من مكانته، وفي الصحيحين البخاري ومسلم بعض الرواة تُكلِّم بهم، ولم يَقدحْ ذلك في الصحيحين. وقد بينا كلَّ ذلك في تعليقاتنا على الكتاب، وأوضحنا الخطأ من الصواب، وقال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (سورة يوسف: 76) .

- ومنهم أبو نُعيم الأصبهاني صاحب (حلية الأولياء) له الردُّ على الغريب المصنف.

- ولابن السيد البطليوسي بعض الانتقادات على أبي عبيدٍ ذكرها في كتابه (الاقتضاب) ، ولم يُصب في بعض هذه الانتقادات.

فقد قال: وحكما أبو عبيدٍ القاسمُ عن أبي عمروٍ أنَّه قال: يقال لواحدهما- يريد: المذريان-: مِذرى، وأحسب أنَّ أبا عمروٍ قاس ذلك من غير سماعٍ، وأنَّ أبا عبيدٍ وهم فيما حكاه عن أبي عمرو، كما وهم في أشياء كثيرة من كتابه.

قلت: وما نسبه لأبي عبيد فغير صحيح، لأنه قال: ليس لهما واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015