يقول ابن تيميه رحمه الله: (إنهم -يعني أهل السنة والجماعة -لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة فلا يجيزون طاعته في معصية الله وإن كان إماماً عادلاً، وإذا أمرهم بطاعة الله فأطاعوه مثل أن يأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصدق والعدل والحج والجهاد في سبيل الله فهم في الحقيقة إنما أطاعوا الله، والكافر والفاسق إذا أمر بما هو طاعة لله لم تحرم طاعة الله ولا يسقط وجوبها لأجل أمر ذلك الفاسق بها، كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ولا يسقط وجوب إتباع الحق بكونه قد قاله فاسق فأهل السنة لا يطيعون ولا الأمور مطلقاً، إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} . أمر بطاعة الله مطلقاً، وأمر بطاعة الرسول لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه} .وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك فقال: {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ولم يذكر لهم طاعة ثالثة، لأن ولي الأمر لا يطاع طاعة مطلقة، إنما يطاع في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الطاعة في المعروف. وقال: لا طاعة في معصية الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". وقال:"ومن أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه" (منهاج السنة 3/387، 388) .انتهى.
وقال أيضا: فكيف بقول أهل السنة الموافق للكتاب والسنة وهو الأمر بطاعة ولي الأمر فيما يأمر به من طاعة الله دون ما يأمر به من معصية الله. (نفس المصدر 3/390) .
وقال أيضاً: ولم يأمر بطاعة الأئمة مطلقاً بل أمر بطاعتهم في طاعة الله دون معصيته، وهذا يبين أن الأئمة الذين أمر بطاعتهم في طاعة الله ليسوا معصومين. (نفس المصدر 1/115) .