وقال أيضاً رحمه الله: فإذا أحاط المرء علماً بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الجهاد الذي يقوم به الأمراء إلى يوم القيامة، وبما نهى عنه من إعانة الظلمة على ظلمهم علم أن الطريقة الوسطى التي هي دين الإسلام فيهم إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك، واجتناب إعانة الطائفة التي يغزو معها على شيء من معاصي الله بل يطيعهم في طاعة الله ولا يطيعهم في معصية الله إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديماً وحديثاً وهي واجبة على كل مكلف وهي متوسطة بين طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشئ عن قلة العلم، وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقاً وإن لم يكونوا أبرارا. (المصدر نفسه 28/508) . انتهى.
وقال أيضا:"ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأنه إذالم يتفق إلا الغزو إلا مع الأمراء الفجار أو مع عسكر كثير الفجور فإنه لا بد من أحد الأمرين: إما ترك الغزو معهم فيلزم من ذلك استيلاء الآخرين الذين هم أعظم ضرراً في الدين والدنيا. وإما الغزو مع الأمير الفاجر فيحصل بذلك دفع الأفجرين وإقامة أكثر شرائع الإسلام، وإن لم يكن إقامة جميعها. فهذا هو الواجب في هذه الصورة، وكل ما أشبهها بل كثير من الغزو الحاصل بعد الخلفاء الراشدين لم يقع إلا على هذا الوجه) . اهـ. (مجموع الفتاوى 28/506، 507) .