وروى عبد الله (1) بن عثمان بن خشيم عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه (2) عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة لمن عصى الله عز وجل" (3) . هـ.

وروى حرب (4) بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن زينب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة لمن عصى الله عز وجل " (5) . هـ.

فاختلفت هذه الأحاديث في ظاهرها، فتأول فيها أهل البدع.

فأما أهل السنة: فقد وضعوها مواضعها، ومعانيها كلها متقاربة عندهم.

فأما أهل البدع: فتأولوا في بعض هذه الأحاديث مفارقة الأئمة والخروج عليهم.

والوجه فيها أن هذه الأحاديث يفسر بعضها بعضاً، ويصدق بعضها بعضاً.

فأما حديث أبي هريرة الأول الذي ذكر فيها من أطاع الإِمام فقد فسره حديث أبي هريرة الثاني الذي قال فيه: من أطاع أميري ثم بين أنه أيضاً لم يخص أميره إذا أمر بغير طاعة الله، لأنه حين بعث عبد الله (6) بن حذافة فأمرهم أن يقحموا النار فرجعوا إليه فأخبروه فقال: من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوا (7) .

وأما حديث عبد الله بن عمرو فإنه قد قال فيه: فليطعه ما استطاع. فقد جعل له فيه ثنيا، وإنما يريد الطاعة في المعروف.

وحديث أم الحصين قد اشترط فيه يقودكم بكتاب الله. هـ.

وحديث علي رضي الله عنه قد فسره حين قال: إنما الطاعة في المعروف.

وحديث ابن عمر أيضاً مفسر أنه إنما أوجب الطاعة ما لم يؤمر بمعصية.

وكذلك حديث أبي سعيد.

وأما حديث ابن مسعود، وأنس فهما اللذان تأولهما أهل البدع فقالوا: ألا تراه يقول لا طاعة لمن عصى الله عز وجل، فإذا عصى الله لم يطع في شيء، وإن دعا إلى طاعة. وإنما يرد المتشابه إلى المفسر، فما جعل هذا على ظاهره أولى بالاتباع من تلك الأحاديث بل إنما يرد هذا إلى ما بيّن معناه فقوله: "لا طاعة لمن عصى الله "، إنما يريد أنه لا يطاع في معصية. كسائر الأحاديث.

باب كف الأيدي عن قتال الأئمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015