وقد ذكروا في هذا الحديث أن عتبة بن فرقد قال: قدمت عليه بسلال من خبيص فأنكر عليه. وهذا حديث مرفوع عند أهل العلم بأشياء مفهومة منها: أن أبا عثمان النهدي قال: كتب مع عتبة بن فرقد بأذربيجان فبعث إلى عمر رضي الله عنه بسلال من خبيص فردها إليه وكتب إليه إنه ليس من كدّك، ولا من كدّ أبيك، ولا من كدّ أمك. فهذا عتبة قد أرسل إلى عمر بشيء فأغضبه، ورده.
أفتقدم به عليه ثانية، أو تقدم عليه فيكرهه ويلومه ثم يوجه به إليه. هذا مالا يكون إلا على وجه المعاندة والمعصية، ولم يكن عتبة كذلك، وقد كانت له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً.
ومما يدفع به هذا الحديث أيضاً قوله "إننا ننحر كل يوم جزوراً"وهذا محال أن يدّعى على عمر. أما سمعت ما قال أسلم مولى عمر: عميت ناقة فقلت لعمر قد عميت ناقة من الظهر. فقال: "أقطروها إلى الإبل" قال: فقلت فكيف ترعى من الأرض؟ فقال:"افعلوا بها كذا"يلتمس لها حيلة لبقائها.
أفيفعل هذا من يحتاج إلى جزور كل يوم، فلما لم يجد لها حيلة قال: أردتم والله نحرها. قال: فنحرها.
وكانت عنده صحاف تسع، فلا يكون عنده طريقةٌ إلا بعث إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم منها في تلك الصحاف، ويجعل آخر ذلك حظ حفصة، لأنها ابنته، ثم جمع على ما بقى منها أصحاب النبي صلى اله عليه وسلم فقال له العباس:"لو صنعت هذا كل يوم اجتمعنا عندك؟ "فقال:"هيهات لا أعود لهذا أبداً إنه كان لي صاحبان سلكا طريقاً، وإني أخاف إن سلكت غير طريقهما أن يسلك بي غير سبيلهما".
فعمر ينفي من أن يعود لنحر جزور مرة أخرى، وهذا يدعى أنه قد كان نحر كل يوم جزوراً.
ثم رويت هذه القصة من وجوه، وهو يقول:"لتمرنّن أيها البطن على الخبز والزيت مادام السمن يباع بالأوراق ".