أحدهما حرمها الله تعالى، والأخرى حرّمها عمر. أو ليس قد بيّن في حديثه فقال: "يا أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة. تم قال: والخمر ما خامر العقل. فإن أقررتم فقلتم بلى". إنما أراد عمر رضي الله عنه ما حرم الله ففسره. فقل أيحل ما حرم الله ما دون السكر؟ أو ليس إنما كان هذا قبل بيان تحريمها حين أباح لهم ما دون السكر منها، ونهاهم عن شربها في أوقات صلواتهم، ثم استأصل أمرها بالنهي عن قليلها وكثيرها حتى أوقعت العداوة والبغضاء، وصدت عن ذكر الله وعن الصلاة (1) ، فهل بين ما أحللتموه وبين ما حرمتموه في المعنى الذي حرم الله له الخمر من فرق؟ أو لستم قد أحللتم ما كره الله شربه لما يوقع من الأسباب التي تجدونها واقعة بما أحللتموه. فلو لم يكن التحريم من الله عز وجل بالبيان إلا كما وصفتم أنه خمر العنب النقيع خاصة، ثم وجدتم ما سواها من الأشربة تدعوا إلى مثل ما كره الله عز وجل له تلك الخمر بعينها. ألم يكن ينبغي لكم أن تحرموا ما ضارع ما حرم الله عز وجل ودعا إلى مثل ما يدعوا إليه. أو ليس إنما حرم الله عز وجل الميسر الذي كانوا يتقامرون يومئذ في أشياء معروفة بأعيانها، فحرم المسلمون جميع القمار، حتى ألحقوا بذلك كلما حدث من هذا النحو إلى أن قالوا: لعب الصبيان بالجوز والكعاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015