ملحمة قرآنية
للشيخ محمد المجذوب المدرس في الجامعة
قصة موسى للقلوب ذكر
لا تنتهي، وللعقول عبر
اليتم وافاه إلى بطن أمه
واستقبل الفقر بزوغ نجمه
وصب فرعون على الأطفال
من قوم موسى حمم الِنكا
مجزرة رهيبة عصيبة
قد نال منها جلهم نصيبه
وذاك أن الكاهنين أخبروا
أن هؤلا كاسحا سيظهر
يكون في حلوله النهاية
لعرشه، وفي رداه آية
وكل ذا على يدي وليد
من آل يعقوب على التحديد
فلم يجد جسرا إلى النجاة
إلا على الأشلاء والهامات
فأترع الغاشم بالدم الثرى
وأتخم السياط من لحم الورى
من كل مولود بعمر البرعم
لم يقترف نكرا ولما يأثم
حتى رأى الجزار أن الخطرا
قد زال عن حياته وانحسرا
-2-
وذات يوم حمل الماء إلى
حدائق الطاغي وعاء مقفلا
فأقبلوا يستطلعون أمره
ليحملوا إلى الظلوم سره
ففوجئوا بطلعة كالقمر
يزوي سناها برفيف الزهر
طفة تسبي القلوب والنه
بما تسربلت به من النهى
..وهم فرعون بأن يسلبه
حق الحياة يتحدى ربه
لكن أمر الله كان الغالبا
فكف عنه لطفه المعاطبا
وهكذا احتواه قصر القاتل
فكان فيه بهجة المحافل
كل يود لو يراه راضيا
عنه ليحظى بالثناء غاليا
وهكذا صين من الإيذاء
وهو بكف شارب الدماء
في غمرة اللظى ولا يحترق
لا بدع فالله هو الموفق
أن يرد الأمر يسهل سبله
حتى ترى أعداءه يسعون له
فهم برغم أنفهم في خدمته
ليعلن الله خفي حكمته
.. وأمسك الطفل عن الأثداء
وعاف كل لبن وماء
فانطلقوا يلتمسون مرضعة
تسعد ذا الطفل ولا تشقى معه
وكانت أخته تقص أثره
عن كثب وتستبين خبره
فابتدرت ترشدهم إلى اللتي
لما تزل ترقبه في لهفة
ورد للأم فطارت جذلا
بعد فراق كاد يمحوا الأملا
- 3-
وراح موسى في ظلام الكفر
يشب كالواحة وسط القفر
ما أن تزيده خطى الليالي
إلا نفارا من أولي الضلا
.. وهاله البغي الذي رآه
يصبه الطاغي على أسراه
فبات يغلي صدره بالحنق
على أولئك العتاة النزق
لكنه لم يدر ماذا يصنع
وهو الذي ليس له من يسمع
وذات يوم بينما يسير