أما بعد: فإن علم التفسير من أجلَّ العلوم وأفضلها وأشرفها باعتبار أساسه وتاريخه وموضوعه وغايته. فأساسه: القرآن الكريم والحديث الشريف. وتاريخه: أول العلوم الإسلامية. وموضوعه: كلام الله تعالى. وغايته: معرفة معانيه وإدراك مراميه. وسنام هذه المعرفة: التفسير بالمأثور لأهميته الكبرى في فهم القرآن العظيم، لأنه تفسير من رب العالمين، أو من رسوله الأمين، أو تفسير صحابي شهد التنزيل وعرف التأويل أو تفسير تابعي نهل من مدرسة النبوة عن الصفوة من المفسرين.
فلابد من التفسير بالمأثور لمن أراد أن يستجيب لله تعالى فيتدبر كلام الله، وكذا لمن أراد أن يفسر بالرأي يتحتم عليه أن يطلع على معرفة: أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراءات، وأول ما نزل وآخر ما نزل، والمكي والمدني، والغريب والمشكل، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، والأحاديث المخصصة للعام والمقيدة للمطلق، وهذه العلوم لا تؤخذ إلا بالنقل الصحيح ولا تنفك عن التفسير بالمأثور بل هي نابعة منه. وهذه العلوم من الشروط التي ينبغي أن تتوفر في من أراد أن يفسر القرآن بالرأي كما ورد عن السيوطى في الإتقان.
ولما أوجب الله عز وجل علينا أن نعمل بهذا القرآن بالاستجابة لأوامره والازدجار عن نواهيه والاعتبار بقصص الأمم السالفة… فقد كان لزاماً أن نتدبر معاني هذا القرآن وأن ندرك مراميه لنعمل به ونتحرى ما ثبت في تفسيره لنستقيم على نهجه.