ومنهجه في الاحتجاج بالقراءات يقوم على تقديم المتواتر والتعويل عليه، وتَوْجيه القراءات الشاذة غالباً على الأوجه المحتملة في العربية، فإذا لم يجد لها وجهاً في العربية خرجها على قاعدة الاتساع.
وتارة يورد القراءات متواترة كانت أو شاذة دون أن يتبعها بتوجيه أو بيان، كقوله: لم يقرأ في السبع إلاّ بالتخفيف، وأمّا في غير السّبع فقد حكى فيه قراءات (4) ، وقد قرىء في غير السبع (5) ، ومن أمثلة القراءات الموجه ما يلي:
قال في توجيه القراءة الشاذة في قوله تعالى: (أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) قُرىءَ في الشّاذّ (أنذرتهم) وهو على حذف همزة الاستفهام، اسْتغنوا عنها بأم، لأنَّ أم طالبة بالاسْتفهام، ثم ثَقُلَ اجتماع الهمزتين، وهذا لا يَكادُ يُعْرَفُ، ولم يجئ في السبع. وقال في توجيه قراءة (غِشَاوَة) من قوله تعالى: (عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) (.. لم يقرأ هذا في السّبع إلاَّ بالرّفع، وقُرِىءَ في غير السبع بنصب "غَشِاوَة " ورُوِيَ ذلك عن عاصم في روايته المشهورة عنه لها وجه، وهو أن يكون منصوباً بإضمار فعل دَلّ عليه (وخَتَمَ) (?) ، لأنَّ الختم في القلب وَالسّمع نظير جعل الغشاوة على العين، فيكون هذا بمنزلة قول امرئ القيس:
يُحَلّين ياقوتاً وشذراً مُفَقَّرا … … … …
وَرَيَحَ سَناً في حِقِّهِ حِمَيريةٍ … … … …
المعنى: وُ يضَمّخْنَ ريح سنا، وحذف يضمخْن؛ لأنَّ ما قبله وهو يُحَيّن يَدُلُّ عليه.
وجاء في غير السّبع "غَشْوَةٌ "والمعنى تغطية، وهو مصدر. و"غُشاوة"يضم العين، وبالعين غير المعجمة. والواو في عشاوة أصل، لأنّهم قالوا: عشا يعشو، قال:
متى تأته تعشو إلى ضَوْءِ نارِه تجد.