وما ذهب إليه الزمخشري هو الأظهر في كلمة (لكم) لما فيه من معنى السبب، وقد أخذ به غيرُ واحد من معربي القرآن، حتى قال أبو حيان إن (الأحسن حمله على السبب فيكون مفعولاً من أجله؛ لأنه بما يا الأرض يحصلُ الانتفاع الديني والدنيوي. أعرب الزمخشري في (سبع سماوات) الواردة في الآية الكريمة: (فسواهن سَبْعَ سَمَواتٍ..) علما أنها تفسير للضمير المبهم "هُنَّ "وأمّا ابن أبي الربيع فقد خَرّجها على وجهين هما: البدلية والحالية، ثم رد قول الزمخشري، وممّا قاله في المسألة:
(.. وسَبْعَ بدلٌ من "هُنَّ "والتقدير: فَسَوّى سَبْعَ سموات، ويمكن أنْ يكون حالاً على تقدير: مقدراً أن يكون سبع سماوات، كما قال سبحانه: (وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) أي مقدراً أن يكون سَكناً، وهذا بمنزلة قول العرب: مررت برجلٍ معه صقرٌ صائد به غداً، أي مقدرا به الصّيدِ غداً، والبدل عندي أحسن. ورأيت بعض المتأخرين يذهب في (سبع سموات) إلى أنه بمنزلة: ربه رجلاً، أضمر على شريطة التفسير (5) . وهذا قولٌ لا يُعَوّل! عليه ث لأنَّ الضمير على شريطة التفسير يحفظ ولا يقاس عليه، ولا يقال منه إلّا ما قالت العرب ة لأنه خارجٌ عن القياس، والأصل في الضمير الغائب أنه يأتي بعد الظاهر لفظاً أو مرتبةً، أما إتيانُه قبل الظاهر المفسِّر له لفظاً ومَرّتَبةً فَلَمْ يَقَعْ إلّا في أرْبعةِ أبواب، وبَيانُها في كُتُب العربية، وليس هذا مِنْهَا. (131) .
خرج الزّمَخْشرِيُّ كلمة "أعْلَم "من قوله تعالى: (وَأعْلَمُ مَالاَ تَعْلَمُونَ) (?) على معنى التفضيل، أمَّا ابن أبي الربيع فجعل "اعلَمُ "هنا فعل مضارع واسْتَبْعَدَ ما ذهب إليه الزمخشري، ومما قاله:
(.. "اعْلَمُ "هُنا فِعْلٌ مضارعٌ يُراد به الحالُ المسْتَمِرّة و"ما"مفعول بأعْلَمُ، والتقدير: بما تَعْمَلون أبداً، ودخلَتْ لا هنا لنفي المستقبل، وقدْ قِيلَ في هذا أقوالٌ أحسَنهُا عندي ما ذكرته.