ذهب الزمخشري إلى أنّ "مِنْ "في قوله تعالى: (وَأَنزَلَ مِنَ السَّماء مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ) تُفِيدُ التّبعْيض، وقد تكُونُ لِلْبَيان، كَقَوْلِكَ: أنفقت مِن الدَّراهم ألفاً.

ولم يرتض ابن أبي الربيع معنى البيان في "مِنْ " وأثبت لها معنى التبعيض، وزاد ابتداء الغاية، واستند فيما ذهب إليه في ابتداء الغاية إلى سيبويه وأبي علي الفارسي، ومما قاله في المسألة:

(.. وجاء بعض المتأخرين وقال في "مِنْ "هنا إنها للبيان، واسْتَدَلَّ بقولهم: أنفقت من الدَّراهم ألفاً، لا فرق بينه وبين الآية.

التبعيض فيها هو البيّن، ولم يذكر سيبويه ولا أبو علي في "مِنْ "أَنَّها توجد لِلْبيان، وإنما هي موجودة لابتداء الغاية أو للتبعيض، ومَنْ قال: إنّها تكون للبيان اسْتَدَلّ بقوله سبحانه: (فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ) وهذا التبعيض فيه بينّ، لأنَّ الوثن لا يجتنب فيه إلاّ العبادة والتعظيم وهذا هو الرّجس، وأمّا أَنْ يؤخذ الوثن إذا كان ذهباً أو فضة فيعمل به ما يجوز أن يعمل فلا يجتنب، وهذا ليس برجس. (?) (95) .

إعراب "رِزْقاً " مفعولٌ من أجله

أعرْبَ الزمخشريُّ كلمة (رِزْقاً) من الآية الكريمة: (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ) مفعولاً من أجله، ومِن الجارّة للتَّبعْيضِ، ولم يَرْتض ابن أبي الربيع هذا الإعراب و"مِن " للتبعيض، وإنمّا خرجه على أنّه مفعول به؛ لأنه الأظهر في الصورة والأقرب في البيان، قال في تعقبه على إعراب الزمخشري:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015