ولا أعلم بين النحويين خلافاً في أن الباء تكون على معنى الهمزة إلاّ المُبرِّد قال: بين الهمزة والباء هنا فرق. وذلك أنك إذا قلت: أَذْهَبْتُ زيداً، المعنى: جَعَلْتَهُ يَذْهبُ وإنْ كُنتَ غير ذاهِبٍ؛ وإذا قلت: ذهبت بزيدٍ، فلا تقولُ حتى تذهب معه (2) ، وتَبعهُ على ذلك الزمخشري (3) . واعْتلال محمد بن يزيد لما سَبقَ- حُجَّةَ عَلَيْهِ- أنَّه على القَلْبِ، وهذا اعْتِلاَلٌ بعيدٌ؛ لأنَّ القلبَ قليلٌ، وهذا كثير، فقد جاء في القرآن في مواضع عدّةٍ. (77)

ـــــــــــــــ

(1) ينظر معاني القرآن للأخفش 1/ 39، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 86/1، وإعراب القرآن للنحاس 1/136، والحجة لأبى على الفارسي 1/325.

(2) 1 أقف على ما نسب للمبرد في المقتضب ولا يى الكامل، لكنّ ذكر له هذا القول في البحر المحيط 1/ 130، والجنى الدانى 107، وقد تابعه السّهيلي في روض الأنف 3/412- 413.

(3) ينظر الكشاف 1/ 200- 201.

ب- الإِعراب:

الإِعراب ثمرة الدروس النحوية ونتيجة ضوابطها، وخلاصة ما يُنتهي إليه في تحرير المعنى عند الخلاف. فليس الإعراب نشاطاً ذهنياً يُقصد به شحذ أذهان المتعلمين وإيقاظ الوسنانين، بل هو وسِيلةٌ ماضية في توجيه النصوص وبيان المراد منها، وَرُبّما يصبح غاية في إيضاح ما في الكتاب العزيز من البيان وفصل الخطاب.

وقد حث المتقدمون من أئمة العلم على الأخذ بالإعراب والتبصّرَ فيه والوقوف على أثره في توجيه المعاني وتحرير النصوص من اللبس والغموض.

وفي هذا السفر من تفسير ابن أبي الربيع نجد اهتماماً بالإعراب، وإبرازاً لأثره أحياناً في توجيه النصوص واستنباط الحكم، وقد توخى في الإِعراب أقرب الوجوه وأعدل الأقوال، ولم يوغل لا المسائل المشكلة من دقائق الإعراب وعويصه، بل اعتام السهولة حتى فيما أشكل إعرابه توخى له أقرب الوجوه وأسلمها من الغموض، وفيما يلي نورد نماذج مما أعربه من الآيات، ومما وجه به لإِبراز معنى أو استنباطِ حكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015