انظر إلى هذه الفوضى في الحرية الجاهلية، وإلى فساد موطن الحرث الذي توارد عليه السقاء الملوث من كل شعب، فماذا ترى تكون نتائج زراعته، إنها زراعة فاسدة سقيت من قنوات متعددة بماء غير صاف.

ولقد كانت حالة السفور للمرأة سمة من سمات الجاهلية نوّه القرآن بها على سبيل الذم والتنفير، ونهى أمهات المؤمنين من الوقوع فيها. قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ... } الأحزاب: 33.

وقد سبق تفسير السلف لكيفية التبرج في الجاهلية.

وفي الحديث: "إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" (?) .

إن المجتمعات الجاهلية تنظر إلى المرأة نظرة هابطة فلا تقيم لها وزنا، وإنما هي عبارة عن أداة للمتاع يقضى الإنسان وطره منها ثم يستخدمها استخدام السائمة في الزرع والحرث دون مكانة ولا كرامة.

وإن الجاهلية المعاصرة في التعامل مع المرأة لتذكرنا بجاهلية القرون الأولى، من تبرج سافر، وعضل قاهر، وظلم ظاهر، وتحايل ماكر، وتعامل مشين.

لقد أخرجتها من بيتها، واستغلتها لتكون جندية في الشوارع العامة، ومضيفة في الطائرة، وممثلة في الشاشات المرئية، وموظفة بين الرجال الأجانب، ومطربة في النوادي المختلطة، وممرضة باسم الإنسانية، ودعائية لبعض المبيعات التجارية، بل أصبحت أحياناً تقود الجيوش وتصرّف الرجال وتدعو إلى السلام وتحضر المؤتمرات، وتعلن في غير حياء ولا خجل بالتصريحات إلى غير ذلك من الأمور التي لا شأن للمرأة بها، والجاهلية تزين لها عملها وتصفق وتروّج لما تقوم به، ظلما وعدوانا، من أجل إشباع الغريزة. وإيجاد الفوضى في العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة، وأن يكون نظام الأسرة مخلخلا لا ضابط ولا زمام ولا خطام له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015