وقد تنوع ورود الإِحسان في القرآن الكريم وتكرر على معان متعددة، "تارة مقروناً بالإِيمان، وتارة مقروناً بالإِسلام، وتارة مقروناً بالتقوى أو العمل الصالح"، وغير ذلك من المعاني الأخرى.
وسأقصر الحديث في هذا الموضع على الإِحسان فيما يتعلق بشأن الوالدين، وإن شأنهما لعظيم عند الله، والدليل على ذلك كون الله سبحانه ربط الوالدين بعبادته سبحانه في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... } الآية.
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتهما بالمعروف، والتواضع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة لهما بعد مماتهما، وصلة أهل ودهما، وبرهما وحفظهما وصيانتهما، وإزالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما وفي الحديث الصحيح عن عبد الله قال:"سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قال: ثم أي؟ قال: ا"لجهاد في سبيل الله" (?) .
قال القرطبي: فأخبر صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة، التي هي أعظم دعائم الإسلام، ورتب ذلك بـ (ثم) التي تعطي الترتيب.
"عناية القرآن الكريم بالإحسان للوالدين "
تتجلى عناية القرآن الكريم بالإحسان إلى الوالدين في أمور عدة منها:
أولا: أن الله سبحانه لما أمر الخلق بعبادته، جعل بر الوالدين مقروناً بعبادته، فقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} الإسراء: 23. قال ابن كثير: أي: وأمر بالوالدين إحسانا.
وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... } النساء: 36.
ثانياً: أن الله سبحانه قرن شكر الوالدين بشكره جل شأنه: