والمعروف في هذه الآيات متنوع ومختلف عن الاَخر، ففي قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وفي قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} يراد به الحق الذي لهن على أزواجهن من حسن الصحبة وطيب العشرة والتجمل والتزين لهن وعدم المضارة بهن وتطييب القول وتحسين الفعل وتزين الهيئة والبعد عن التضييق عليهن من الإِسلام، والقدوة في ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم – القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (?) الحديث "وكان من أخلاقه – صلى الله عليه وسلم- أنه جميل العشرة دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهن، ويوسعهم نفقته، يضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها- يتودد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول الله-صلى الله عليه وسلم - فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعدما حملتُ اللحم فسبقني فقال: "هذه بتلك"، ويجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع على كتفيه الرداء، وينام بالإِزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك- صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (?) .
أما المعروف المذكور في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
فالمراد به ما تعارف عليه أهل البلد، وجرت به العادة في الكسوة والنفقة شرعاً، من غير إسراف ولا تقتير.