إنها مواقف مخزية، وهي مواقف الفجار ضد الأبرار في كل زمان ومكان فالأبرار يدعونهم إلى النجاة والفجار يدعونهم إلى النار، وما يستوي الأعمى ولا البصير، ولا الظلمات ولا النور.

2- اتهامهم لنوح أنه بشر مثلهم وهذا بزعمهم أنه لا يصح أن يكون مرسلا. بل الأولى أن يكون ملكا.

قال تعالى: {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلا بَشَراً مِثْلَنَا} هود 27.

وقال تعالى: {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ} المؤمنون 24.

3- إن اتباعه هم من أراذل القوم أصالة وعقلا ومكانة قال تعالى: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْي} هود 27.

وقال تعالى: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} الشعراء111.

وهذه قولة أهل الباطل فيمن سلك طريق الحق والصواب، ويدفعهم في ذلك الكبر والاستعلاء بغير حق ولا برهان وإلا فالحق في ذاته صحيح سواء اتبعه وأخذ به الأشراف من القوم أو الأراذل كما يزعم الظالمون.

يقول ابن كثير رحمه الله: "هذا اعتراض الكافرين على نوح - عليه السلام- وأتباعه، وهو دليل على جهلهم وقلة علمهم وعقلهم، فإنه ليس بعار على الحق رذالة من اتبعه، فإن الحق في نفسه صحيح سواء اتبعه الأشراف أو الأراذل، بل الحق الذي لاشك فيه أن أتباع الحق هم الأشراف ولو كانوا فقراء، والذين يأبونه هم الأراذل، ولو كانوا أغنياء، ثم الواقع غالبا أن ما يتبع الحق ضعفاء الناس، والغالب على الأشراف والكبراء مخالفته" اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015