"وهنا ينبغي أن نقف وقفة لها مغزاها عند قوله "عذاب يخزيه"لننبه القارئ إلى أن من العذاب ما هو مشرف لذات المعذب رافع له فوق الهامات، كالعذاب الذي يحل بالرسل عند قيامهم بواجبهم، وعذاب المصلحين، وأرباب المبادئ الحقل حينما يدعون الناس إلى عقائدهم فأولئك عذابهم مر على الأجساد، حلو على القلوب، عذابهم رافع لدرجاتهم، وتمحيص لنفوسهم، وهذا عذاب المجاهدين في سبيل الله، والمقاتلين لإعلاء كلمته، يتقدم إليه المؤمنون، وشمارع إليه المخلصون، لا لأنه حلو المذاق، لذيذ الطعم، بل لأن من ورائه من النعيم مالا عين رأت ولا أذن سمدت، ولا خطر على قلب بشر، ذلك هو العذاب، العذاب الذي يجعل صاحبه مثلا كاملا في الفضيلة، ونكران الذات.
أما عذاب أعداء الحق، وحزب الشيطان، وأنصار الشهوة والهوى، فذلك هو العذاب الذي يخزي صاحبه، ويفضح من وقع به، ذلك هو عذاب أعداء الرسل، وخصوم الحق" اهـ.
8- دعوته إياهم إلى تقوى الله وطاعته.
قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء 108 وقال تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} نوح 3.
9- تذكيرهم بالأجل المسمى لهم قبل مجيئه.
قال تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} نوح 4
15- دعوته لقومه بالليل والنهار والسر والعلن دون يأس ولا قنوط. قال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً} نوح هـ.
وقال تعالى: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً} نوح 9.